ثم قال: "بل كما قال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: [[من كفر بحرف منه فقد كفر به كله]]" أي: من كفر بحرف من الأحرف التي أنزل الله تعالى القرآن بها فقد كفر بالقرآن كله؛ لأن كل الأحرف حق؛ ولأنه نزل بها جميعاً.
إذاً: فالاختلاف في المعنى نوعان:
النوع الأول: الذي لا اختلاف فيه مثل: (باعَد) و (باعِد).
والنوع الثاني: وهو الذي فيه اختلاف من وجه كما ذكرنا في الأمثلة السابقة.
قال: "وأما ما اتحد لفظه ومعناه" أي: لا يوجد أي فرق "وإنما يتنوع صفة النطق به، كالهمزات، والمدات، والإمالات، ونقل الحركات، والإظهار، والإدغام، والاختلاس، وترقيق اللامات والراءات أو تغليظها، ونحو ذلك مما يسمي القراء عامته الأصول، فهذا أظهر وأبين في أنه ليس فيه تناقض ولا تضاد مما تنوع فيه اللفظ أو المعنى، إذ هذه الصفات المتنوعة في أداء اللفظ لا تخرجه عن أن يكون لفظاً واحداً".
مثلاً: بعض القراءات كل الألفات فيها بالإمالة، وبعضهم لا يميل إلا في كلمة واحدة، وهكذا... والمقصود في هذه الأوجه كلها أنه لا تناقض فيها، ولا تضاد من باب الأولى؛ لأنها مجرد أوجه للقراءة أو للتلاوة، والمعنى واحد واللفظ واحد.
ثم قال: "ولهذا كان دخول هذا في حرف واحد من الحروف السبعة التي أنزل القرآن عليها من أولى ما يتنوع فيه اللفظ أو المعنى، وإن وافق رسم المصحف وهو ما يختلف فيه النقط أو الشكل".
أي: هذا كله قد يكون في الحرف الواحد فكيف في الحروف جميعها.